مراحل الطفولة
◂ تاريخ النشر : 2010/11/3
◂ مرات القراءة : 4023
◂ حجم المقالة : 15921 بايت
◂
صوت للمقالة
◂
أخبر صديقك
◂ التعليقات (0)
تصغير
تكبير
مراحل الطفولة
يتوقف النمو النفسي للطفل على بيئته، وتتكون البيئة من كل شيء يواجه الطفل بما في ذلك أفراد المجتمع. ويكتسب معظم الأطفال التربية البيئية التي يحتاجون إليها في نموهم النفسي الطبيعي.
وعلى أية حال، يتأثر النمو النفسي بالعوامل البدنية، فعلى سبيل المثال، يتأثر تطور القدرات التعليمية بنمو الجهاز العصبي. فالأطفال لا يتساوون في معدلات نموهم الجسدي. ونتيجة لهذا؛ تختلف استعداداتهم للنمو النفسي. وليس بالضرورة أن يكون الطفل الذي ينمو بمعدل أبطأ من أقرانه غير طبيعي.
ويمكن تقسيم الطفولة إلى أربع مراحل وذلك اعتمادًا على المراحل الرئيسية للتغير النفسي. هذه المراحل هي: 1- مرحلة الطفل الحَابِي، 2- سنوات ما قبل المدرسة، 3- السنوات المدرسية الأولى، 4- سنوات ما قبل المراهقة.
مرحلة الطفل الحَابِي. تبدأ تلك المرحلة من 18 شهرًا حتى السنة الثالثة من العمر. ويكون معدل النمو البدني للطفل في مرحلة الثمانية عشر شهرًا الثانية المكوّنة لهذه المرحلة أبطأ بصورة عامة من معدل نموه البدني في الثمانية عشر شهرًا الأولى من عمره، التي تبدأ منذ ولادته.
وببلوغ الثمانية عشر شهرًا من العمر، يستطيع معظم الأطفال إطعام أنفسهم، ويمشون ويهرولون لمسافات قصيرة، ويصفّون بعض مكعبات البناء، ويقولون القليل من الكلمات المفهومة. ومن المتوقع أن يتحسن الطفل الذي يحبو في كل هذه المهارات، إلا أن معظم الأطفال البالغين من العمر عامين لا يستعملون إلا كلمة أو اثنتين لفكرة كاملة. ولا يتأكد الوالدان دائمًا من معنى هذه الكلمات. فعلى سبيل المثال، الطفل الذي يقول "لبن" أو "ضاع اللبن" قد يعني أي شيء من "أريد بعض اللبن" حتى "لقد سكبت لبني". ويتمكن معظم الأطفال عند الثالثة من عمرهم من ربط بعض الكلمات لتكوين جملة كاملة مفيدة. ويستطيعون نطق تسعمائة كلمة، وهذا يُعد زيادة عظيمة في قاموسهم اللغوي عند سن الثمانية عشر شهرًا والذي يتراوح في العادة بين 10 و 20 كلمة.
وتتحسن قدرات التقليد والتخيّل لدى الأطفال الذين يحْبُون بدرجة كبيرة. وتتسم بعض أنواع التقليد بالطرافة وشد الانتباه، وذلك مثل تقليد أصوات الحيوانات. ويكون لدى معظم الأطفال في هذه المرحلة خيال حي، كما يحبون التظاهر أو الادعاء. فقد يتظاهرون أو يدّعون أن كوب الماء هذا هو كوب من الشاي، أو أن هذه الدراجة الثلاثية العجلات، ما هي إلا سيارة أوطائرة.
وتنمو العلاقات الاجتماعية للطفل الذي يحبو ببطء. فالأطفال حتى الثانية من عمرهم يميلون للخجل عند اتصالهم بالصغار الآخرين. ويتغلب الأطفال على هذا الخجل عادة بعد دقائق قليلة، هذا في الوقت الذي ينظرون فيه للأطفال الآخرين على أنهم أشياء أكثر من كونهم أشخاصًا. ويبدأ الأطفال عند الثالثة من عمرهم في إدراك ما بينهم وبين الأطفال الآخرين من عوامل مشتركة. وهنا يبدأون في النظر إليهم على أنهم أقران متساوون.
وتتوجه أقوى الانتماءات لدى الأطفال الذين يحْبُون إلى والديهم الحقيقيين أو بالتبني. ومن الأهمية بمكان أن يشعر هؤلاء الأطفال بمساندة الوالدين لهم ورضاهم عنهم. ونتيجة لهذا المطلب فإن لديهم حساسية لأي إشارة من إشارات الرفض أو عدم الرضا من جانب الوالدين.
مرحلة سنوات ما قبل المدرسة. تمتد تلك المرحلة من سن الثالثة حتى الخامسة من العمر، وتساعد هذه المرحلة في إعداد الأطفال لتحمل تبعات الاستقلال والمسؤولية ـ وهما صفتان تكتسبان في المرحلة التالية من الطفولة ـ والأطفال في هذه المرحلة شديدو النشاط ويكتشفون الدنيا من حولهم باستمرار. وفي الوقت نفسه، يبدأون في إدراك معايير السلوك وأحكامه، كالأشياء الواجبه والأخرى المنهي عنها.
عند سن الثالثة أو الرابعة من العمر يصبح معظم الأطفال في حالة من الإدراك المتزايد لطبيعة أنفسهم وللآخرين أيضًا. فبالإضافة لإدراكهم أفعالهم الخاصة يدركون أيضًا أن للناس الآخرين مشاعر مثل مشاعرهم. وفي هذه المرحلة من النمو يبدأ الأطفال في ضبط بعض أفعالهم تبعًا لما تثيره تلك الأفعال من رضاً أو سخط لدى الآخرين.
ومن أول الأحكام التي يُتوقع أن يتعلمها الأطفال القدرة على التحكم في المثانة والأمعاء، وهي عملية تسمى التدريب على الإخراج، ولكن يختلف الأطفال فيما بينهم اختلافًا بينًا، وذلك بالنسبة للعمر الذي يمكِّن الطفل من أن يتحكم في هذه العملية. هذا وتختلف المجتمعات أيضًا فيما بينها اختلافًا كبيرًا بالنسبة لتحكم أطفالها في هذه العملية. إلا أن معظم الأطفال يبدأون في التحكم فيها عند الثالثة من العمر.
وبجانب التدريب على الإخراج هناك ما يتعلمه الأطفال من أحكام السلوك الأخرى في كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية. تشتمل هذه الأحكام على الطاعة والصدق واحترام الممتلكات وأحكام السلوكيات والأدوار الجنسية المختلفة، أي تلك الأدوار المتوقعة من الإنسان ذكرًا كان أو أنثى. وتختلف المجتمعات، كما هو الحال في عملية التدريب على الإخراج، بالنسبة للعمر الذي يُتوقع أن يتعلم الأطفال عنده تلك الأحكام. ولكن، يستطيع معظم الأطفال أن يتعلموا هذه الأحكام عند حوالي الثالثة أو الرابعة من أعمارهم.
يستخدم معظم الآباء والأمهات العقاب والثواب لتعليم أطفالهم أحكام السلوك. فهم يكافئون أطفالهم إذا قاموا بأعمال مرغوبة، ويعاقبونهم على الأعمال غير المرغوبة.وقد تكون كلمة مدح أو ضَمَّة صدر مكافأة كافية. أما العقوبة فتكون عادة كلمة "لا" التي تقال بصرامة أو ضربةً خفيفة، ويتعلم الطفل بالتدريج أن هناك أعمالاً جيدة وأخرى سيئة. وعلى أية حال، يحدد الوالدان بنفسيهما ما إذا كان العمل المعيّن جيدًا أم سيئًا.
وكذلك يتعلم أطفال ما قبل المرحلة المدرسية أحكام السلوك من خلال عملية قد تكون لاشعورية تسمى التشبه أو التقمص. وهي عملية تبدأ غالبًا في مرحلة الطفل الذي يحبو، ولكنها تكتمل في مرحلة ما قبل سن المدرسة. فالأطفال يتشبهون بشخص آخر إذا شعر أحدهم أنه يمتلك نفس الصفات البدنية والنفسية لهذا الشخص، كما يتشبه معظم الأطفال بواحد أو أكثر من أفراد أسرهم وخصوصًا الوالدين.
ولا يدرك غالبية الأطفال وهم في سن الثالثة أو الرابعة أنهم مخيَّرون في أعمالهم، فإذا قاموا بشيء أغضب والديهم شعروا بالقلق أو الخجل أو الأسف، إلا أنهم لا يلومون أنفسهم لهذا العمل. ويبدأ معظم الأطفال عند الخامسة من العمر إدراك أنهم يستطيعون الخيار بين عمل أو آخر. وهنا يبدأ الأطفال في الشعور بالذنب والخجل إذا أخطأوا السلوك.
مرحلة السنوات المدرسية الأولى. تبدأ هذه المرحلة من الخامسة حتى الثامنة من العمر، وتمثل نقطة تحول رئيسية في النمو النفسي للطفل. فالأطفال يستمرون في تحسين مهاراتهم البدنية في هذه المرحلة. إلا أن هذه المرحلة تتميز بصورة خاصة بتطورات مهمة في النمو العقلي والعاطفي والاجتماعي للطفل.
يُتِم الأطفال في معظم المجتمعات تعلُّم الأحكام الأساسية للسلوك الاجتماعي عند بلوغهم سن الخامسة. كما أنهم يدركون أيضًا الحكم على الأفعال المعينة إذا ما كانت طيبة أو سيئة. وهنا يُمكن أن ينال الطفل درجة أكبر من الاستقلال. وعلى أية حال فإن الكبار يوجهون هذا الاستقلال في مسارات محكمة. ففي غالبية المجتمعات الصناعية يبدأ معظم الأطفال الالتحاق بالمدرسة عند الخامسة أو السادسة من العمر.
والقدرة على حل المشكلات هي إحدى المهارات المتوقعة من الطفل في سن المدرسة، وهي مهارة تنمو بالتدريب. والطفل في سن الخامسة قد يحاول حل مشكلة معينة باختيار أول حل يطرأ على عقله. ولكن الطفل في سن السادسة أو السابعة يفكر في حلول محتملة أخرى ويدرك سبب تفضيل حل على آخر. ويبدأ الأطفال في هذه السن في إدراك كيفية التشابه بين الأشياء وكيفية الاختلاف بينها. وأخيرًا، يكتسب الأطفال ثقة في قدراتهم العقلية، ويبدأون في الاستمتاع بصحة حلول مشكلاتهم.
يبدأ معظم الأطفال في سن السابعة أو الثامنة، في تبرير عقائدهم ـ أي اكتشاف أسباب اعتناقها. ومن هنا فقد يقررون أن أحكام السلوك التي تعلموها جديرة بالاعتناق. ويتطور الأطفال في هذا العمر في مقارنة أنفسهم بأقرانهم من الصغار. وتؤدي هذه المقارنة إلى تكوين الطفل لـ صورة الذات ـ وهي رأي الإنسان في نفسه. وتؤثر صورة الذات التي تتكون في الطفولة على سلوك الإنسان طوال حياته.
ويبدأ الأطفال في تكوين صورة الذات خلال سنوات ما قبل المدرسة أثناء اقتدائهم أو تشبههم بالوالدين أو بالآخرين من أعضاء الأسرة. وتتوقف صورة الذات لدى الطفل على كونها محبّبة أو غير ذلك، على الاتجاهات والعواطف الخاصة بالأشخاص الذين يتشبه الأطفال بهم أو ينتمون إليهم. فعلى سبيل المثال، لو ارتأى الأطفال أساسًا أن في والديهم خصائص غير محببة فإنهم سوف يميلون إلى النظر إلى أنفسهم بمنظار سلبي. كما أن الأطفال إذا ما اكتسبوا انطباعات جيدة عن والديهم فإنهم يكِّونون صورًا ذات خصائص محببة لديهم. وتتعزز صور الذات هذه أو تتغير عند مقارنة الأطفال أنفسهم بأقرانهم.
مرحلة سنوات ما قبل المراهقة. تمتد هذه المرحلة من عمر الثامنة حتى الثالثة عشرة. وتُعرف أيضًا بمرحلة ما قبل المراهقة، وفي هذه المرحلة يزداد معدل النمو البدني بشكل حاد بعد أن كان قد انحدر بعد إتمام مرحلة الرضاعة. ويبدأ الطفل في هذه المرحلة في النمو وزنًا وطولاً مع اكتساب الخصائص الجنسية للكبار. فعلى سبيل المثال تبدأ معظم البنات في الحيض الشهري عند سن الثانية عشرة أو الثالثة عشرة. وينمو الشَّعَر لدى معظم الأولاد على أجسادهم ووجوهم، كما تتخشن أصواتهم. وتسمى المرحلة الكاملة التي ينضج فيها الشخص بمرحلة الحُلم أو البُلوغ. وقد يكتمل النضج الجنسي لبعض الأطفال قبل الثالثة عشرة. ولكن الغالبية لا تنضج جنسيًا إلا ببلوغ الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة.
وخلال سنوات ما قبل المراهقة، تؤدي جماعة الأقران وهي دائرة أصدقاء ومعارف الطفل، دورًا حيويًا متناميًا في عملية نمو الطفل. فالأطفال في هذه المرحلة ينظرون أساسًا إلى أقرانهم، بدلاً من والديهم، وذلك للتحبب والقبول. فهم يحكمون على أنفسهم تبعًا لأحكام جماعات أقرانهم، وهكذا تستمر صور ذواتهم في النمو، وقد يتغير سلوك الطفل بدرجة ملحوظة تحت ضغط جماعة الأقران.
وفي نهايات مرحلة ما قبل المراهقة، قد يصاب الأطفال بالقلق إذا ما تناقض حكم سلوكي جديد مع حكم سلوكي سابق. وهم يزيلون عادة هذا القلق بمناقشته مع أصدقائهم. وعلى أية حال، فإن الأطفال في نهاية هذه المرحلة يشعرون بحاجة متزايدة للحفاظ على الاتساق بين القيم التي يؤمنون بها. ومن هنا فقد يرفضون حكمًا متناقضًا مع سابق أحكامهم، أو يعيدون النظر فيه. كما يبدأ الأطفال في هذا العمر في تبرير السماح بأداء فعل خاطئ تحت الاضطرار في ظروف معينة.
والله اعلم.
الكلمات المفتاحية :
التعليقات تخص صاحبها ولا تخص ادارة الموقع